ام عمر Admin
المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 11/12/2011
| موضوع: يا ثواني العمر مهلاً الإثنين يناير 02, 2012 4:44 am | |
|
" خِلالَ أيّامٍ ستُغَادِرُنا ..سَتُوَدّعُ عَالَمَنَا .. لتـَنْضَمّ إلى ذَلِكَ الآخَر .. سَتَرْحَلُ بِلاعَوْدَةٍ .. إلى ذَلِكَ العَالَمِ المُوحِش ..سَتَعتادُ الظـّلامَ هنَاكَ .. وَسَتُسَامِرُ الدّيدَانَ ..سَتَرْحَلُ إلى الأبَدِ "
بِهَذِهِ الكَلِمَاتِ الرّهِيبَةِ بَدَأَ ذُو المِعْطَفِ الأبْيَضِ حَدِيثَهُ الطّوِيلَ .. وَهُوَ غَيرُ مُبَالٍ بالصّوَاعِقِ التِي أحْدَثهَا .. وَغَيرَ آبهٍ بِالأرْضِ التِي إهتَزّتْ لِصَدَاهَا .. وَلِلظّلامِ الذِي تَكَاثَفَ لِهَولِهَا ..
سَتَرْحَلُ - ولَكِنْ لِمَاذا ؟ فَالشّبَابُ مَازَالَ غَضّاً فِي فُؤَادِي .. وَالوَقْتُ لا يَزَال أمَامِي ..
_ ضَحِكَ بِسُخْرِيَةٍ وَهُوَ يَتَسَاءَلُ : عَنْ أيّ شَبَابٍ تتكلّمُ ؟ فالمَوْتُ لا يُفرّقُ بين صَغِيرٍ وَ كَبَيرٍ .. وَعَن أيّ وَقتٍ تتحَدّثُ ؟ لا بُدّ أنّ شَيئاً مَا قَدْ أفقَدَكَ صَوَابكَ .. أتَحْتَاجُ إلى مَن يُنْعِشُ ذَاكِرَتَك ؟ لا بَأسَ .. سَأُحْضِرُهُ الآنَ ..
_ مَرّتِ الثّوَانِي سَرِيعَةً .. وَإذَا بِذَلِكَ الشّخْصِ يَقِفُ أمَامِي مَرّةً أُخرَى .. يَجُرّ خَلْفَهُ طَاوِلَةً أشبَهَ بِطَاوِلَةِ العَمَلِيّاتِ !!
أتَعْلَمُ مَن هَذا ؟
_ كَيفَ لا .. إنّهُ وَقتِي .. ولكِن أرجُوكَ .. قُل لِي مَاذَا حَدَثَ لَهُ ؟
أجَابَ وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيّ بِنَظْرَةٍ يَتَطَايَرُ مِنْهَا الشّرَرُ ..
- وَتَتَسَاءَلُ بِكُلّ بَرَاءَةٍ ؟؟ أنتَ مَن قتلَه .. طعنتَهُ بِخَنْجَرِ الغَفَلَةِ بِيَدَيكَ الآثمَتَينِ هَاتَينِ ..
كُنَتُ مَعَهُ .. حِينَ مَا كَانَ يَحتَضِرُ ..بَينَمَا كُنتَ أنتَ مُنغَمِسٌ فِي ارتكَابِ المَزيدِ مِنَ الجَرَائِمِ ..هَذِهِ رسَالتَهُ الأخِيرَةُ إليكَ ..خُذهَا وَأقرأهَا بِسُرعَةٍ ..فَالزّائِرُ قَدْ إقتَرَبَ ..وَسَيَكَونُ هُنَا فِي أيّ لَحظَةٍ ..
بيَدٍ مُرتَجِفَةٍ فَتَحْتُ الرّسَالَةَ ..وَقَبلَ أنْ أبدأ فِي قِرَاءَتَهَا ..إذَا بِالصّوتِ الشّامِتِ .. يَقُولُ مِن جَدِيد:لقد إبتَلاَكَ الله بِهَذا البَلاءِ ..جَزَاءَ مَا أقتَرَفَتهُ يَدَاكَ ..حِينَ قَتَلتَ الفَتَى المِسْكِينَ .. وَبَعْدَ هَذِهِ الطَّعْنَاتِ ..رَحَلَ مَعَ جُثَتِهِ بَعِيداً .. الّلهُمَ صَبْراً .. مَتَى سَتَنْتَهِي هَذِهِ المَأْسَاةُ ؟! وَمَتَى سَأسْتَيْقِظُ مِنْ هَذَا الكَابُوسِ ؟! قُلْتُ مُعَزِيَاً نَفْسِي .. قَرِيباً بِإذْنِ اللهِ .. بَدَأتُ فِي قِرَآءةِ الرِسَالَةِ التِى كَانَت ..وَيَالِلْدَهْشَةِ .. مُذَيَلَة ً بِتَوْقِيعٍ أِعْرِفُهُ .. أَمِنَ المُمْكِنِ أنْ يَكُونَ ذَاكَ الرّجُلُ صَادِقاً ؟أَمِنَ المُمْكِنِ أنْ يَكُونَ ذَلِكَ المَيْتُ هُوَ وَقْتِي ؟وَأنْ تَكُونَ هَذِهِ رَسَالَةُ إحْتِضَارِهِ ؟ لاأصَدِّقُ ذَلِكَ ..وَلَكِنّي سَأقْرَؤُهَا عَلَى أَيّةِ حَالٍ ..لِتَنْفُضَ عَنّيَ الضَجَرَ ..
" إلَى قَاتِلَي..أَبْعَثُ رِسَالَتِي الأخَيرَة .. إلَى الّذي لَطَالَمَا تَجَاهَلْ أنّاتِي وَ زَفَرَاتِي .. إلَى الّذي سَقَانِي السُمَ وَ جَرَّعَنِي ألْوَانَ الْعَذَابِ .. إلَيْكَ يَاقَاتِل أَسْطُرَ حُرُوفِي .. وَأَمَّا بَعْدُ ..فَإِنَّهُ لَيْسَ بَعَدَ الْهَدَايَةِ إلا الضَّلالُ ..وَمابَعْدَ النُّورِ إلا الظَّلامُ .. وإِنِّي وَاللهِ عَجِبْتُ لأَقْوَامٍ ..قِدْ حَبَاهُمُ الرَّحْمَانُ نِعْمَة َالهِدَايَةِ وِ الإسْلامِ .. فَلَمْ يُسَخِرُوهَا لِتَقُودَهُمْ نَحْوَ عَدْنِ الجِنِانِ .. كَمَا عَجِبْتُ لأقْوَامٍ .. لَطَالَمَا أَرْهَقُوا أنْفُسَهُمْ ..بِتَرْدِيدِ عِبَارَاتٍ جَوْفَاءٍ ..عَنْ أَهَمِيَةِ الوَقْتِ وِطُرُقِ اسْتِغْلالِهِ ..وَحِينَ تَنْظُرُ فِي أَوْقَاتِهِمْ ..ترَاهَا تَئِنُ وَتَنُوحُ .. لِشِدَةِ تَضْيِعِهِم لَهَا ..أَمَاكَانَ الأَجْدُرُ بِكَ يَامُضَيِّعَي ..لَوْ أَنَكَ مَلأتَنِي شُكْراً وَ حَمْداً .. إسْتِغْفَاراً وَ إِنَابَةً .. تَبَتُلاً وَ عِبادَةً لِخَالِقِ الأَرْضِ وَالَسَّمَاوَاتِ ؟ أَمَا كَانَ الأَجْدَرُ بِكَ ..لَوْ أَنَكَ اتَخَذْتَنِي مَطِيَّةً لَكَ نَحْوَ الخَيْرِ وَ الصَلاحِ ؟ أَمَاكَانَ الأَجْدُرُ بِكَ ..أنْ تَرْفُضَ بِكِبْرِيَاءٍ عُرُوضَ الِغوَايَةِ و الإِضْلَالِ وَتَقُول : " سَلامٌ عَلَيْكُمْ لانَبْتَغِي الجَاهِلِينِ " ؟ فلتكن إذاً عِبْرَةً لِمَنْ يَعْتَبَرُ .. عِبْرِةً لِكُلِ مُسَوِفٍ وِ مُفَرِطٍ فِي أوْقَاتِهِ .. عِبْرَةً لِكُلِ مَنْ سَلـَّمَ لِدُنْيَا مُخَادِعَةٍ مَفاتِيحَ قَلْبِهِ .. عِبْرِةً لِكُلِ مَنْ لَمْ يَجْعِلْنِي مَطِيَتَهُ نَحْوَ السَعَادَةِ الأَبَدِيَةِ .. وَالآن إلَى لَقَاءٍ إمَام حَاكِمٍ لا يُضَامُ عِنْدَهُ المَظْلُومُ .. " قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ "
وَبِمُجَرَدِ إنْتِهَائِي مِنْ القِرَاءةِ ..فُتِحَ البَابُ بِعُنْفٍ .. ما الَّذِي يَحْدُثُ الآنَ ؟يَبْدُوا أَنَ الجَمِيعَ هُنَا مُصَابُونَ بِلَوْثَةِ جُنُونٍ .. فَهَذَا زَائِرٌ يَقْتَحِمُ غُرْفَتِي بِلا اسْتِئْذَانٍ ..وَذَاكَ يَتَهِمُنِي بَالقَتْلِ .. هُنَا تَوَقَفَ الحِوَارُ الدَاخِلِيُ الثَائرَ ..لِيَحِلَ السُكُونُ وَالفَزِعُ مَكَانَهُ بِلا جِدَالٍ .. إِنَهُ هُوَ .. المَوْتُ .. لَمْ أَكُنْ أَحْلُمُ .. لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الرِسَالَةُ وَهْمَاً .. لَمْ يَكُنْ الغَرِيبُ كَاذِبَاً إِنَّها النِهَايَةُ ..
" رَبِّ ارْجِعُونِ ..لَعلِّي أَعْمَلُ صَالِحَاً فِيمَا تَرَكْتُ " وَجَاءَ الجَوَابُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ .. " كَلا ..إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ..وَمِنْ وَرَآئِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون " لِتَأخُذْ مِنْ قِصَتِي عِبْرَةً ..وَلتَسْكُبْ عَلَيْهَا عَبْرَةً ..وَخُذْ بِنَصِيحَتِي بِيَمِينِكَ .. وَلاتَرْمِ بِهَا بَعِيدَاً وَرَاءَ ظَهْرِكَ ..
اغْتَنِم حَيَاتَكَ قَبْلَ مَمَاتِكَ شَبَابَك قَبْلَ هَرَمِكَ صِحَتَكَ قَبْلَ مَرَضِكَ فَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ غِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ
نَسْألُ المَولَى جَلّ وعَلا أنْ نَكُونَ قَدْ وُفّقنَا فِي طَرْحِنَا كَمَا نَسْأَلُهُ تَعَالَى أنْ يَهدِي شَبَابَ الأمّة أجمع ..إلى مَا فِيهِ صَلاحُ دِينهِم ودنياهم هذا وصلى اللهم وسلّم وبارك على نبينا محمد ..وعلى آله وصحبه أجمعين
| |
|